بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلى هو الغفور الرحيم ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيد التائبين والمستغفرين ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى من تبعه واقتفى أثرهم إلى يوم الدين .
أما بعد :
رحم الله امرؤ انتهى إلى ما تعلم ، فأنصف غيره من نفسه وما ظلم ، فتاب وأناب ، وأغلق عنه باب الغرور والإعجاب ، ولكن العجب ممن لم يتنه إلى ذلك وجانب الصواب ...
وأطلق للسانه هنا وهنالك العنان ، ولا يكاد ينطق إلا بالبهتان... ولا يرعوي عن الظلم والعدوان ... بالوقيعة في أهل الإيمان ..
يرمي غيره بالبوائق والزور ، والمنكر من القول المحرف والمبتور، يبحث عن الزلات والعثور ...والفتن والشرور ويحسب ذلك من العطور...
ومثله في بلدنا كثير ، وهم من قصدهم ابن الوزير ، فهم أهل الشغب ، وإحداث الفتن ، وإظهار المثالب ... (والمَعايب من غير مُعايب بل هي افتراءات وغرائب في زمن الغرائب ) ...
على أنها الأيام قد صرن كلها . . . عجائب حتى ليس فيها عجائب
فصبرا آل ياسر ساعة ... فموعدنا حيث الجزاء والحساب
هي الأيام تنقضي مسرعة ... وكلهم يلقى جزاءه والعقاب
قالوا أخطأتَ ، فقلت نعم أخطأتُ ، ومن ذا الذي يسلم من الغلط ... ومن ذا الذي له السلامة فقط ...
فالعصمة للأنبياء من جميع السقط ...
فقالوا لم أخطأت ؟ وكيف أخطأت ؟؟وتكرر منك الخطأ ؟؟؟
قلت لأني غير معصوم أفعل وأقول ... أغذوا وأروح وأصول... وأقصّر وأجتهد في الفروع والأصول... أبحث عن الحق والحلول... ابتغي بها مرضاة ربي وذلك مبتغى مأمول ... وإني لنفسي ظالم جهول ... وعما يجري من حولي متغافل مشغول...
قد تبت واعتذرت والعذر عند الكرام مقبول... فعيروا وضربوا بذلك الطبول... وجاءوا بوصف وقول معلول ، صدقوه أو تلقفوه عن خصم مخبول ... معاند مفتر مخلول ... قالوا لا تعتذر فعذرك غير مقبول... حتى يرضى عنك المشايخ العدول ...أو تبقى حبيس أفعالك فقصدك معلول ..
قلت : كيف كان هذا الدخول ، إلى القلوب ، كيف كان هذا الوصول ، أعن علم أم عن رجم ، أم كشف لستار الغيب المسدول ، هذا ظلم ، هذا قول في الشريعة باطل مجهول..
لقد تبت من كل ما خالف منهج الأسلاف والرسول ..وهذا منهجي واضح مصقول وبماء التوبة مطّهر مبلول ، أما علمتم أن خير الخطائين التوابون وهذا قول الله والرسول ، قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران .وقال عز وجل : {{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)آل عمران .وقال التواب الرحيم :{{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)الفرقان .
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : <<
التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ ، كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ >>.قال الشيخ الألباني - رحمه الله - وأما جملة :<< التائب من الذنب كمن لا ذنب له >>، فهو حسن لشواهده، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وقد ذكرت شواهده تحت الحديث (615)المتقدم.
وقَالَ صلى الله عليه وسلم :<< لَلَّهُ
أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ ...>>.البخاري (6308) مسلم ( 7128).
وقال الأصمعي:
أتيتك تائباً من كل ذنب ... وخير الناس من أخطأ فتابا
أليس الله ُ يُستعفى فيعفو ... وقد ملك العقوبة والثوابا ؟
قال لحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله: في روضة العقلاء فالواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه لجرم مضى ، أو لتقصير سبق ، أن يقبل عذره ، ويجعله كمن لم يذنب ، لأن من تنصل إليه فلم يقبل أخاف أن لا يرد الحوض على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومن فرط منه تقصير في سبب من لأسباب يجب عليه الاعتذار في تقصيره إلى أخيه ولقد أنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي:
إذا اعتذر الصديق إليك يوماً ... من التقصير عذر أخ مُقر
فصنه عن جفائك واعفُ عنه ... فإن الصفح شِيمَة كل حر
وقال أبو حاتم رحمه الله:
لا يجب للمرء أن يعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه ن ولا يخلو المعتذر من أحد الرجلين : إما أن يكون صادقاً في اعتذاره ، أو كاذباً ، فإن كان صادقاً فقد استحق العفو ، لأن شر الناس من لم يُقِل العثرات ، ولا يستر الزلات ، وإن كان كاذباً فالواجب على المرء إذا علم من المعتذر إثم الكذب وريبته وخضوع الاعتذار وذلته أن لا يعاقبه على الذنب السالف بل يشكر له الإحسان المحدَث ، الذي جاء به في اعتذاره ، وليس يَعيبُ المعتذر إن ذل وخضع في اعتذاره إلى أخيه وأنشدني الأبرش:
هَبني أسأتُ كما زعمت ... فأين عاطفة الأخوة ؟؟

أو إن أسأت كما أسأت ... فأين فضلك والمروة ؟؟
وأنشدني ابن زنجي البغدادي:
هبني أسأت وكان جُرمي ... مثل جُرم أبي لهب

فأنا أتوب كما أسأتُ ... وكم أسأتَ فلم تتب ؟؟
هاتوا ما تنقمون علي من الأمر المخلول ... والعمل قولا وفعلا واعتقادا به غير معمول ... وهو مخالف لمنهج الأسلاف والرسول ...في العبادة والأخلاق والأصول .
يتبع إن شاء الله ...