الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد : هذا جواب على سؤالك الذي تقول فيه : قرأت أحد الأسئلة في شبكة سحاب السلفية لأحد إخواننا الأفاضل بارك الله فيه- حيث كنت أردت السؤال عنه وبعض مضامينه لأنه كثرت الأسئلة عن الرقية وانتشار السحر وطرقه والرقاة وطرق الرقية ... فأرجو منكم البيان والتوضيح والنصيحة يا شيخ وجعلها الله فيزان حسناتكم.
والسؤال كالآتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد العلاج الصحيح الشافي بإذن الله تعالى من تلبس الجني بالإنسي.

الجني تكلم على لسان الإنسي حقيقة. الإنسي المتلبس به يخبرنا في حال الصحو أنه أصيب بعين وقد يكون سحرا، أحضر له بقارئ من أجل الرقية وكلما قرئ القرآن على هذا الإنسي إلا وتكلم الجني على لسانه.

حصلت القراءة على المصروع إلى الآن لمدة أسبوعين، ساعة من الزمان يوميا ومازال الأمر على حاله دون خروج الجني من جسم المصروع .
أريد كلام العلماء في مسألة علاج المتلبس به وكيف يكون الطريق الصحيح لعلاج المتلبس به، أيكتفى هذا الأخير بقراءة القرآن على نفسه.أم يحضر له راق ليقرأ عليه القرآن – وما هي الشروط الواجبة توفرها في الراقي والكيفية الصحيحة للرقية.وهل يجوز إحضار الراقي الذي درج الناس على الرقية على يديه في البلد، أم لا بد أن يكون سلفيا وغير ممتهن للرقية.انتظر إجابتكم لضرورة .

وقبل الجواب على كل فقرة وردت في السؤال لابد أن أعرف الرقية الشرعية ، وأنواع الرقى ، وصفة الرقية الشرعية وشروطها ، وأعرف بالشعوذة ، ثم الفروق بين الرقية الشرعية والشعوذة وبين الراقي والمشعوذ المخالف في رقيته للرقية الشرعية ، ثم أعرج على حكم أخذ الجعل ( الأجرة )على الرقية ثم أختمها بالأجوبة على فقرات السؤال .

تعريف الرقية الشرعية:
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح (ج10/ 205 – 207 ): الرقى بضم القاف ، مقصور جمع رقية ، وسكون القاف ، يقال : رقى بالفتح في الماضي ..

وقال الشيخ العلامة مبارك الميلي -رحمه الله - في كتابه الشرك ومظاهره (ص153 ): الرقية في اللغة :الرقية المرة من الرقى ، والاسم للألفاظ التي يرقى بها وجمعها رقى ، كمدية ومدى . والفعل رقى كرمى ، ومعناها التعويذة بقراءة كلمات على المصاب رجاء البرء ، تقول استرقيته فرقاني ، فهو راق وهي راقية وهن رواق .قال الراجز : لقد علمت- والأجل الباقي- أن لا ترد القدر الرواقي .

أنواع الرقى:
إن الرقى على أربعة أنواع:

أحدها: أن تكون بألفاظ شركية أو ينسب إليها النفع والضر فذلك كفر وشرك .

ثانيها: أن تكون بألفاظ منقولة غير معقولة المعنى فهي ذريعة إلى الشرك ، محرمة أفتى بحرمتها ابن رشد المالكي وابن عبد السلام الشافعي ، وجماعة من الأحناف ، بل جمهور العلماء على تحريمها .

ثالثها: أن تكون بأسماء غير الله من ملك أو نبي أو جن ، وكل معظم شرعا فهي غير مشروعة ، وحكمها حكم الحلف بغير الله ، كما نقله في الفتح عن القرطبي .(ج10 / 161 ).

رابعها: ما كان بأسماء الله أو كلامه أو ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو مأثور عن أصحابه أو عن العرب مما ليس فيه محظور شرعي، كرقية الشفاء التي عرضتها على النبي وأمرها بأن تعلمها حفصة .أنظر كتاب الشرك ومظاهره(ص157 ). ونقلها الحافظ في الفتح عن القرطبي الذي جعلها ثلاثة أنواع .(ج 10/205-207 ).

وهذه رقيتها قالت: يا رسول الله، إني كنت أرقي برقى في الجاهلية، وقد رأيت أن أعرضها عليك. فقال:(( أعرضيها)). فعرضتها عليه ، وكانت فيها رقية النملة، فقال:(( أرقي بها، وعلميها حفصة )): (بسم الله صلوب حين يعود من أفواهها، ولا تضر أحداً، اللهم اكشف البأس رب الناس، قال: ترقي بها على عود كركم سبع مرات، وتضعه مكاناً نظيفا، ثم تدلكه على حجر، وتطليه على النورة ).

وكذلك رقية غيرها ممن كانت لهم رقية يرقون بها ثم عرضوها على النبي صلى الله عليه وسلم فأقرهم عليها وقال عنها كما في بعض الروايات: ((أنها مواثيق)) منها : ما أخرجه الطبراني في الكبير ِ(( بسْمِ اللَّهِ، شَجَّةٌ قَرَنِيَّةٌ مِلْحَةٌ بَحْرٌ قَفَطَا)) ومصنف ابن أبي شيبة (10/419)وفي معجم ابن الأعرابي بلفظ وَالرُّقْيَةُ : بِسْمِ اللَّهِ شَجَّةٌ ، مِلْحَةٌ ، بَحْرٌ ، قَرِينَةٌ ، قَبْطٌ .

وقد جمعتها في رسالتي توضيح الرؤية في حكم اشتراط الشفاء لأخذ الجعل على الرقية وستخرج قريبا- إن شاء الله - .
صفة الرقية الشرعية : وصفة الرقية أن يقرأ القارئ بصوت مسموع من كلام الله وتعاويذ رسوله وبكلام مفهوم على محل الألم أو على يديه للمسح بهما ، وينفث إثر القراءة نفثا خاليا من البزاق ، وإنما هو نفس معه بلل من الريق .روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ، فلما ثقل ، كنت أنفث عنه بهن وأمسح بيده نفثه لبركتها.

ويقرأ الراقي على المريض من القرآن الكريم ، وخاصة الفاتحة وآية الكرسي وآخر البقرة وآخر الحشر والإخلاص والمعوذتين ، وآيات السحر والعين ، وغيرها من الآيات ، وكذلك التعاويذ التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بها أهله أو المرضى الذين يعودهم ، أو كان يعلمها للصحابة رضوان الله عليهم ، أو كانت من الرقى المأثورة عن الصاحبة التي عرضوها على النبي صلى الله عليه وسلم وأقرهم عليها وصوبها أو صححها لهم ولا يزيد على ذلك ... ويعتقد أن الشفاء بيد الله تعالى ، فيتبرأ من الحول والقوة ، ويسأل ذلك من الله ، فالشفاء لا أحد يملكه غير الله تعالى ..


شروط الرقية الشرعية
:
قال الحافظ في الفتح : (ج10/206) والرقى التي يجوز أن يرقى بها هي ما استكملت ثلاثة شروط :
 
(1) أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
(2) أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره .
(3) أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى . وقد أجمع أهل العلم على هذه الشروط ، فإذا فقد شرط منها فلا تعتبر شرعية ،ومع هذا فهناك شروط أخرى في الراقي ، والمرقي نذكرها في الفروق الآتية .
 

تعريف الشعوذة والشعبذة :
يقال شعبذ وشعوذ ، والمشعبذ والمشعوذ كلاهما واحد .والشعوذة هي : خفة في اليد ، وأخذٌ كالسحر ، يرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين ، وهو مشعبوذ ومشعوذ .

صفة الشعوذة :
فإن المشعوذين يخدعون الناس بما يظهرون من حركات خفيفة وأخبار غيبية لطيفة ، يصرفون بها الأنظار إليهم ، فيحتالون على الناس بطرق سحرية وعزائم عرافية يستعينون في ذلك بالجن مستعملين ألفاظ وكلمات تعظمها ملائكة متصرفة في قبائل الجن متى أقسم المعزم عليها بها أجابت إلى ما طلب منها ،ثم يخلطونها بشيء من الذكر والدعاء في أولها أو آخرها ، حتى يظهروا للعيان أنهم من الصالحين ، ويخافون رب العالمين .أضف إلى ذلك فهم لا يراعون شروط وضوابط الرقية كما سنعرفها في الفروق بين الرقية الشرعية ، والباطلة .

قال ابن التين كما في الفتح (10/205 –207 ):وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المشعوذ وغيرهما ممن يدعي تسخير الجن له فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم ، والتعوذ بمردتهم .قلت : وجمعه إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين حتى يثق الناس فيه ويقبلون عليه ، وتطيعه الشياطين لأنه يجمع بين القرآن والطلاسم والتعويذ الشركية على وجه التحريف والتهوين والاستهزاء بكلام الله بل والكفر بها .

الفرق بين الرقية الشرعية والشعوذة :
(1) الرقية الشرعية تكون بكلام الله وأسمائه والذكر المأثور عن رسول الله، والشعوذة تكون بألفاظ شركية، وكلمات سحرية تعظمها الجن فمتى أقسم المعزم بها أجابت إلى ما طلب منها .

(2) الرقية الشرعية تقرأ بصوت مسموع واضح الألفاظ ،معلوم المعنى، والشعوذة تكون بتمتمة ، وغالبا ما تكون بألفاظ مبهمة غير معقولة المعنى .

(3) الرقية الشرعية تكون باللسان العربي المبين ، بمعنى حتى لو لم تكن بالقرآن والذكر ، فإنها تكون بالكلام المأثور المعقول المعنى عن الصحابة الذين كانت لهم رقى فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم والإقرار يدل على المشروعية ، كما في رقية الشفاء التي عرضتها على النبي وأقرها ، وأمرها أن تعلمها حفصة، ولا تكون فيها كلمات تحمل معنى محظورا شرعا .وكذلك بعض الرقى لبعض الصحابة، والشعوذة أو العزيمة، تكون بالطلاسم والعزائم السحرية ، والحروف ، والأرقام ، وأسماء كبار الجن والسحرة ، والمطالع والنجوم ، والتخييل ، واستحضار الأرواح ، والاستكشاف .. إلخ مما هو محظور شرعا.

(4) الراقي لا يكتب تمائما ، ولا حصون ، مما يسمى ب(( الحروز ))، والمشعوذ يعتمد على التمائم ، والحصون مما يسميه الحصن الحصين، التي فيها الطلاسم ، وتحمل اسم المريض واسم أمه وإلى جانبها أسماء الجن .

(5) الرقاة الشرعيين يعتقدون أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، وإنما بإذن الله سبحانه وتعالى .فيتبرؤون من الحول والقوة ، ويخلصون النفع لإخوانهم ، قبل أنفسهم، والمشعوذون يعتقدون أن ما يقومون به يؤثر بذاته ،فيعتمدون على الأسباب دون المسبب ، وهذا شرك في التوكل .ويقصدون نفع أنفسهم أكثر من نفع إخوانهم المرضى بل أصل تصديهم لذلك هو النفع الشخصي والربح من وراء ذلك ليس إلا..

(6) الراقي الشرعي يقوم بتهيئة المكان ، والحال ، فيطهر المكان الذي يرقي فيه من المحرمات ، كالصور ، والتماثيل ، والنجاسات وغيرها من المخالفات الشرعية .أما الحال ، فيهيأ نفسية المريض ، بإلقاء كلمة توجيهية يصحح لهم فيها المعتقد وبين لهم حقيقة التوحيد و يرشدهم فيها إلى التعلق بالله تعالى وحده ، والتعرف عليه أكثر ، والتقرب منه ، بالمحافظة على أداء الواجبات ، والابتعاد عن المحرمات. والاستقامة على طاعة الله ، مع أنه يتبرأ من الحول والقوة إلا بالله.

والمشعوذ لا يضره أن يعزم حتى في النجاسة ، أو الظلام ، بل بعضهم لو لم يكن نجسا لا يستطيع أن يقوم بالعزيمة، ولا ينزل الصور المعلقة ، ولا التماثيل .وأما الحال ، فلا يهيأ نفسية المريض ، ولا يرشده إلى شيء ، بل يظهر أمامه أنه قادر على أن يشفيه ، وأن الأمر إليه .ولو كان المريض متلبسا بمعصية.لا يهمه ذلك ، المهم عنده انه يقنع المريض بشعوذته وسحره وباطله حتى يتحصل على المال ..

(7) الراقي يقوم بتشخيص الداء عن طريق السؤال والجواب ، حتى يتبين له أعراض المرض عند المريض ، ومن خلال ذلك يقوم بالعلاج بالرقية، هذا إذا لم يكن المريض مصروعا ، أو في حالة غثيان ، أو هيجان من سحر أو عين ، أو سم ،أما عن كان كذلك فيهيئ المكان ويتوكل على الله في رقيته ، فإذا حصل الشفاء نصح وارشد المريض إلى التحصينات الشرعية والتعلق بالله تعالى والرجوع إليه، والمشعوذ لا يقوم بتشخيص الداء بل يخبر المريض بما به من مرض ، دون معرفة الأعراض التي تثبت المرض ، بل بعضهم بمجرد ما يدخل المريض من الباب ، يخبره باسمه واسم أمه ، والجهة التي قدم منها ، والأمر الذي جاء من أجله ، بل منهم من ينتفض عند رؤية المريض ، ويتأوه لذلك ، ويقول هذا المريض به كذا.. وكذا ..

(8) الراقي الشرعي ، لا يسأل المريض عن اسم أمه ، ولا عن اسم أحد أقاربه ، وإنما يسأله عن اسمه فقط في حالة وعيه ، حتى كيف يتعامل معه، والمشعوذ يسأل المريض عن اسمه واسم أمه أو خالته أحد أقاربه ، وخاصة النساء ، وليس ليفرق بين المريض والجني عند اللزوم ، وإنما من أجل اتفاقيات بينه وبين سحرة الجن ومردتهم .

(9) الراقي لا يحدد مكانا ولا زمانا للرقية الشرعية ، فهو يرقي في كل وقت ما عدا أوقات الصلاة ، وفي كل مكان ما عدا أماكن النجاسة ، ويكون بحضور بعض أقارب المريض ، والمكان مضاء، والمشعوذ يحدد المكان والزمان،فيشترط أن يكون في وقت معين،ولا يستطيع أن يتجاوز ذلك الوقت،أو يكون في وقت انتشار الشياطين،وأن تكون العزيمة في غرفة لا يدخلها أحد غيره،أو يدخلها هو والمريض فقط،وربما تكون هذه الغرفة مظلمة.أو فيها نجاسة أو شيء من العمال الكفرية ، كوجود مصحف ملطخ بالنجاسة من بول أو غائط أو دم أو ملطخ ببعض العقاقير التي يتقرب بها إلى الجن.

(10) الراقي يوجه ويرشد المريض ، كأن يرشده إلى أن يكون على طهارة ، وأن يكون يصلي ، وأن المكان خال من المخالفات ، والمرأة يجب أن تكون متحجبة حجابا شرعيا ، محتشمة بعيدة عن استعمال العطور ومساحيق التجميل ، وكلما بالغت في الستر كان أفضل ، ولا يرقيهن إلا مع وجود محرم، ولا يختلي بها، ولا يلمسهن عند الرقية، والمشعوذ لا يراعي هذه الأمور بتاتا ، بل يحب أن تأتيه النساء متبرجات ، سافرات ويرقيهن كذلك ، ودون محارم معهن ،بل يلمسهن ،وربما اختلى بهن ..

(11) الراقي يحقق في نفسه ما استطاع مما يدعوا الناس إليه من تقوى ، وامتثال الأوامر ، أما اجتناب النواهي فينبغي عليه أن يجتنبها كلية ،وأن يكون على قدر من العلم يؤهله للرقية حتى لا تخف عليه مداخل الشيطان ومخارجه - وما أكثرها - ولا يراوغه بمكائده فيوقعه ، فأكثر الذين وقعوا في محاذير شرعية من الرقاة إنما أوتوا من هذا الباب، أما المشعوذون فأكثرهم جهال لا يعرفون حتى القراءة السليمة للقرآن، ولا أبسط الشرعيات ، ولذلك يقعون في حبال عدوهم إبليس ، بل يطيعونه ويتعاونون معه كما قال تعالى :{{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) }}.

(12) الراقي الشرعي ، لا يشترط شيئا غير مشروع وإذا اشترط جعلا (أجرة) لا يبالغ فيه، والمشعوذ يشترط أشياء كثيرة ، بأوصاف معينة وفي أوقات معينة ،وربما لا يطلب من المريض في أول زيارة ، حتى إذا استطاع أن يمسك به ، هنا يفرغ جيوبه ، بل يجعله متعلقا به ، لا يفعل شيئا ، ولا يقضي حاجة إلا بأمره.

(13) الراقي الشرعي لا يرقي الرقية الجماعية ، إلا إذا كانت أسرة ليس بينها أجنبي وكلهم مصاب ، ولا يكون عددهم كبيرا حتى يمكنه أن يتحكم في الوضعية ، أما أن يجمع بين الناس والأقارب ثم يرقيهم رقية جماعية يمكن أن تكشف فيها أسرار الأسر وعيوبهم فهذا يخالف الشرع .. وإذا حصل صرع لبعضهم لا يستطيع أن يتحكم في الوضعية ، والراقي المخالف للشرع لا يهمه ذلك ، يرقي رقية جماعية ، بل منهم أن يجمع مجموعة من النساء في جهة ومجموعة من الرجال في جهة وهو في الوسط يقرأ على الجميع ، فإذا صرع أحد المرضى ربما تكلم بما لا يجوز من السب والشتم وكشف العورات ..

(14) الراقي لا يدخل في حوار مع الجن فيسأله عن أمور وأمور وقصص وخرافات ،وعمن عاين المريض أو سحره حيث ينطق الجني بأسماء الأقارب من زوجة العم والخال والأخ ، وابنة العم وابن العم وغيرهم ..فتحصل العدواة والبغضاء وتصل إلى القطيعة والخصومة حتى القتل ..

(15) المعشوذ والراقي المخالف هو من يسأل الجني عن ذلك ، وفي أي شيء فعل له السحر وبأي سبب عاينه ، ثم يخبر المريض بذلك فيحصل ما لا تحمد عقباه من قطيعة الأرحام والتفرق بين الأسر والخصام إلى حد القتل ..الراقي الشرعي يقرأ القرآن ترتيلا كما انزل وكما تلقاه ، ولا يقلبه فيبدأ بآخر السورة إلى أولها بما يسميه التنكيس بمعنى يقرأه منكسا معكوسا، المشعوذ والراقي المخالف يقرأ القرآن بالتنكيس ، أي مقلوبا يبدأ من آخر السورة وهو ما يسميه أولئك المشعوذون بالزمياطي نعوذ بالله من الخذلان والضلال .

(16) الراقي الشرعي لا يتعاون مع الجن ولا يتعامل معه ، لأنه لا يراه ولا يعرفه ولا يعرف من حاله شيئا ، فهو مجهول العين عنده ، لذلك لا يستعين به بل يستعين بالله وحده ، وعلاقته بالجني إنما هي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى طاعة الله والاستقامة على دينه ليس إلا، والمشعوذ والراقي المخالف يتعين بالجن ويتعاون معه ، وهو لا يعرفه ، ولا يعرف من حال صلاحه المزعوم شيئا ، فيطلب من المريض أثناء الرقية أن يغمض عينيه ويتخيل من يرى في مخيلته من أشخاص أو أشياء أو أماكن ،أو أحوال ، يمكن ربطها بالسحر ، ويطلب إليه أن يرفع يده اليمنى إن كان به سحر ، ويده اليسرى إن كان به عين أو العكس ، والذي يرفع يد المريض هو الجني الذي يستعين به الراقي لا يطلب من المريض رفع اليد اليمنى وتغميض العينين والتخيل وغير ذلك ...

(17) الراقي الشرعي يقرأ القرآن والتعاويذ ويستعين بالله في طرد الجني المتلبس بالمريض ، فيأمره وينهاه ، ويخوفه بالله تعالى ، ويضربه ضربا خفيفا إذا استدعى الأمر لذلك، والمشعوذ يقرأ الطلاسم ، والتعويذات التي تعينه على استحضار الجن ، ليعينوه على إخراج الجني المتلبس بالمريض ، وقد لا يخرج بل يتفاهم معه لمدة ثم يعود ويبقى هذا المريض يراجع المشعوذ إلى ما شاء الله ...

حكم أخذ الأجرة (( الجعل ))على الرقية الشرعية:
إن موضوع أخذ الأجرة على الرقية الشرعية مسألة متفق عليها بين أهل العلم ، ولم يخالف فيها إلا بعض الأحناف الذين حملوا الأجر على الثواب في قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله)) ولكن سياق القصة يأباه عليهم. فقد بوب البخاري في صحيحه (ج7 / 23) باب الشروط في الرقية بقطيع من الغنم ، وفي باب الإجارة قال : باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب .وكذلك فعل النسائي في الكبرى (7532 )(باب الشرط في الرقية ) ثم استدل لذك بفس الحديث .. وبوب أبو داود في سننه باب (38) فِى كَسْبِ الأَطِبَّاءِ. ، واستدل بنفس حديث أبي سعيد الخدري ، وفي صحيح ابن حبان ذكر إباحة أخذ الراقي الأجرة على رقيته التي وصفناها (13/475)واستدل بحديث عم خارجة بن أبي الصلت . وكذلك بوب النووي على مسلم ( ج 14 / 188 ):باب جواز أخذ الأجرة على الرقية والأذكار .وغيرهم ، أنظر لجواز أخذ الأجرة على الرقية هذه الكتب غير ما ذكرت .فتح الباري شرح صحيح البخاري (ج 4 /530 – 533)، أحكام القرآن للقرطبي (ج 9 / 232) المغني المحتاج للشربيني (ج2/ 429 ) معالم السنن للخطابي (ج6 /327)، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (ج 6 / 226 – 229 ) شرح السنة للبغوي ، وعارضة الأحوذي بشرح جامع الترمذي لابن العربي المالكي : (ج8 / 219 –220 )المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا والأندلس والمغرب للونشريسي (ج11 / 86 ) المحلى لابن حزم (ج 9 / 22 ) نيل الأوطار للشوكاني (ج5 / 290 ) التعليقات الرضية على الروضة الندية لصديق حسن خان، تعليق الشيخ ناصر الدين الألباني (ج2/448 ) الشرك ومظاهره للشيخ مبارك الميلي (ص 158 )وغيرها كثير ... وقد حررت المسألة في رسالتي: (( توضيح الرؤية في حكم اشتراط الشفاء لأخذ الجعل على الرقية )) وأنشرها عن قريب إن شاء الله -.

واعلم - وفقك الله – أن مس الجن للإنس ودخوله فيه حق ، ولمعرفة ذلك حقيقة ، هل هذا الذي يتلكم على لسانه جن ، أو أنها حالة نفسية عند المريض ، فلا بد من اختبار صدق هذا الجن أو كذبه فإن الجن فيهم كثرة الكذب كما اختبر النبي صلى الله عليه وسلم ابن الصياد والحديث في البخاري وغيره وطريقة اختباره بان يخبأ له خبيئة في مكان ما حيث لا يراك أحد ثم تسألوه عنها ، أو تطلبوا منه أن يتكلم بلغة لا يعرفها المصروع وأنتم تعرفونها وبهذا يتبين أمره ..

ثانيا : في هذه الحالة التي ذكرتها في السؤال من أنه رقي له أسبوعا والحالة باقية كما هي ، يقال ينبغي للراقي أن يعرف الحالة النفسية للمريض فيفرق بينها وبين المس فإن عجز عن ذلك ولم يكن له دراية بعلم النفس والاجتماع فعليه أن يعرض المريض على طبيب نفساني ، فربما يكون مريضا مرضا نفسيا فإن كثيرا من المرضى بل غيرهم ممن لهم حالات نفسية وليس عندهم شيئا من المرض إذا تكررت لهم الرقية أو عليهم أو أمامهم يصطنعون تلك الحالات حتى يصلون إلى أهدافهم وخاصة النساء ، حتى يظن الراقي أن بهم مس أو سحر والأمر على غير ذلك فلا بد أن يكون الراقي على علم بهذا ..

ثالثا ، نعم ، أخي الأفضل أن ينصح المريض برقية نفسه بنفسه فينصح بكثرة قراءة الفاتحة الشافية الكافية ، وآخر سورة البقرة ، وآخر سورة الحشر وآيات السحر والعين والتي تتكلم عن الجن ، والإخلاص والمعوذتين وغيرها من القرآن الكريم ، مع الحرص على الواجبات ، والابتعاد عن المنهيات ، ولا مانع من طلب راق اشتهر بالرقية الشرعية يقرأ عليه القرآن والتعاويذ المأثورة ، ولا حرج في تكرار الرقية على المريض فإن عم خارجة ابن أبي الصلت – رضي الله عنه - رقى المريض ثلاثة أيام يكرر الرقية عليه بفاتحة الكتاب صباحا ومساء ...والعلم عند الله تعالى.

وكتب : أبو بكر يوسف لعويسي