بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم القائل :<< لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ >>.وأصلي وأسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين .

أما بعد : لقد راسلني أحد الإخوة الكرام- جزاه الله خيرا - على أدبه الجم ، برسالة خاصة فيها ملاحظة على مقالي " افتحوا لهم الفجاج وانصروا أهل السنة في دماج " الذي نشرته في سحاب الخير وغيرها وأني صدرته بقولي : فإن شبكة الأمين السلفية بكل طاقمها أعضاء ومشرفين ومراقبين وإداريين يتقدمون بالشكر الخالص...فقدم ملاحظته على شكل سؤال ، ثم أجاب عن ذلكم السؤال بنقل فتوى الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - وقد كنت قرأت هذه الفتوى قبل ، وعلقت عليها ببعض التعليقات الخفيفة واحتفظت بها لنفسي ، فلما كاتبني الأخ المذكور- وفقه الله- لما يحبه ويرضاه بتلك الملاحظة أحببت أن أهديه وغيره ممن لهم قصور في البحث ، هذه المشاركة المتواضعة ولست أدعي أني قتلت المسألة بحثا ، فليس لي فيها إلا الجمع والترتيب ، لعلهم يجدون فيها فائدة أو تدفعهم إلى البحث أكثر حتى نستفيد ويستفيد غيرنا كذلك ..وقبل البدء في المقصود أسأل الله الغفور الودود الإعانة لما توخيته من الصواب والإبانة ، فأذكر أولا فتوى الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - ثم أعرف بعدها بكل من الشكر والإخلاص باختصار ، ثم أعقب بالمناقشة لهذه المسألة . ثم أنور ذلك كله ببعض فتاوى العلماء الكبار تسديدا وتوكيدا لما توصلت إليه ، فالله أسأل التوفيق والسداد ، العون والإمداد في القول والعمل والاعتماد ..
سؤال: فضيلة الشيخ ما رأيك بقول الشخص للآخر لك خالص شكري؟الشيخ ، الجواب: نبهنا عليه مرارا أنّ الشكر عبادة؛ الشكر عبادة لله - عز وجل -، أمر الله بها {{ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ }} [لقمان:14]، {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }[البقرة:152]، ولما أمر الله - عز وجل - به فهو عبادة عظيمة من العبادات التي يتقرب إلى الله - عز وجل - بها، والعبادات من الدين، والدين الخالص لله - عز وجل -، {{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}}[الزمر:3]، فلا يجوز أن يقال لأحد: لك خالص شكري لأنَّ خالص الشكر لله سبحانه وتعالى، أو: لك خالص تحياتي. مع خالص تحياتي أو: خالص تقديري. هذه كلها لله - عز وجل -، خالص التحيات وخالص التقدير والقدر والتعظيم، وخالص الرجاء، ومثل ما يقول وفيك خالص رجائي، الرجاء والشكر، ومثل هذه الأشياء هي عبادة وخالصها لله - عز وجل -.فلا يجوز أن يقول القائل مثل ما هو شائع في كثير من الرسائل والمكاتبات وتقبل خالص شكري وتقدري؛ لأن هذا إنما هو لله - عز وجل -.فالشكر الخالص لله، يقال للبشر ولك عظيم شكري، أو يقال له مع عظيم شكري لك، مع جزيل شكري، ونحو ذلك، نعم يُشْكَرْ البشر على ما يقومون به من أنواع الخير، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) أخرجه أبو داود (4811)/ الترمذي (1954) ، فالذي لا يشكر الناس لا يشكر الله - عز وجل -.أسأل الله ـ أن يتقبل مني ومنكم، وأن يزيدنا من العلم النافع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.( انتهى الشريط التاسع.شرح الطحاوية (1/129)أولا : لقد بحثت فيما بين يدي من مصادر ومصنفات في العقيدة وغيرها فلم أجد أحدا من علماء السلف السابقين ، والخلف اللاحقين منع من إطلاق هذه الجملة ، فضلا عن أدلة من الكتاب والسنة تدل على النهي عهنا ، وأن قولها خطير يوقع كاتبها أو قائلها في الشرك أو الحرمة كما ذهب إليه البعض...ولعلي ذهلت أو قصرت في البحث فمن كان عنده اثر في ذلك عن السلف فليكرمنا به ...نعم يمكن أن يقال أن ذلك له وجه إذا قصد صاحبه إطلاقه على وجه التعظيم والتعبد .. وليس على وجه الشكر والتحية .. المؤذون فيهما ، ولقد قرأت بعد اطلاعي على فتوى الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - بعض ما كتب في هذا الموضوع أو علق عليه في بعض المواقع ، فأحببت أن ألخص قراءتي في ذلك ، وأشارك به بيانا لهذه المسألة التي كثر فيها أخيرا القيل والقال ، وليعذرني القارئ الكريم إن قصرت في عزو بعض الجمل لأصحابها مما اقتبسته من بعض التعليقات لأن الوقت لم يسعفني ولأن بعضهم غير معروف ..أو غير ذلك ...
ثانيا : تعريف الشكر :الشُّكْرُ: الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف . مختار الصحاح - الرازي(1/354) . الشكر : عرفان الإحسان ونشره . قال ثعلب : الشكر لا يكون إلا عن يد ، وقد قدمنا أن الحمد يكون عن يد وعن غير يد ، فهذا الفرق بينهما . قال أبو نخيلة : شكرتك إن الشكر حبل من التقى ... وما كل من أوليه نعمةً يقضى )المحكم والمحيط الأعظم (6/680) أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي ـ تحقيق : عبد الحميد هنداوي .وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير لأبي العباس الحموي (5/57): شَكَرْتُ لِلَّهِ اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِهِ وَفَعَلْتُ مَا يَجِبُ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ وَلِهَذَا يَكُونُ الشُّكْرُ بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَيَتَعَدَّى فِي الْأَكْثَرِ بِاللَّامِ فَيُقَالُ شَكَرْتُ لَهُ شُكْرًا وَشُكْرَانًا وَرُبَّمَا تَعَدَّى بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ شَكَرْتُهُ وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ فِي السَّعَةِ وَقَالَ بَابُهُ الشِّعْرُ. والشكر اللغوي هو : الوصف بالجميل على جهة التعظيم على النعمة من اللسان والجنان والأركان .وقال : محمد عبد الرؤوف المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف (1/435). الشكر العرفي صرف العبد كل ما أنعم به عليه إلى ما خلق لأجله هذا هو المشهور. وقال الراغب : الشكر تصور النعمة وإظهارها، وقيل هو مقلوب كشر أي كشف ، ويضاده الكفران وهو نسيان النعمة وسترها . وقيل أصله من عين شكري أي ممتلئة وعليه فالشكر الامتلاء من ذكر المنعم والشكر شكران شكر باللسان وهو الثناء على المنعم وشكر بجميع الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر الاستحقاق . قلت : وليس من شك أن الشكر عبادة وإخلاصها توحيد وصلاح وتقى .
ثالثا :تعريف الإخلاص : خلص الشيء خلوصاً فهو خالص، وخلصته: صفّيته. واستخلص الشيء لنفسه. وخالصته. الود وخالص الله دينه. ويقال: خالص المؤمن وخالق الكافر. أساس البلاغة (1/121) للزمخشري .وأَخْلَصَه النَّصِيحَة والحُبَّ ، وأَخْلَصَهُ له وهم يتخالصون : يُخلص بعضهم بعضا . وفي البَصَائِر : الخَالِصُ : الصّافِي الَّذِي زالَ عَنْهُ شَوْبُه الَّذِي كانَ فِيه . تاج العروس من جواهر القاموس (17/563)، الزَّبيدي .والخلوص يأتي بمعنى النصح فأهل اللسان العربي يقولون : نصح العسل إذا خلص من الشمع ، وعسل خالص أي صاف من الشوائب ، ولبن خالص كما في قوله تعالى :{{.. مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ }}(66).أنظر إلى بياضه ونصاعته ونصاحته وهو يخرج من بين الفرث والدم ، لا ترى فيه أثرهما البتة ، سبحان الله .وأنت أخي الكريم لما تقول للشخص أو الأشخاص الذين أسدوا إليك معروفا ، أو كانوا سببا في نعمة تحصلت عليها أو نلتها ، لك أو لكم خالص الشكر، هذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ليس إلا ، كما تقول ، لك أو لكم خالص المودة والمحبة ، والثناء الخالص ، فهذا وصف للشكر والمحبة والمودة والثناء ولا يقصد المتكلم صرف عبادة الشكر والمحبة التي بينه وبين محبيه لغير الله ، فلو كان كذلك لما صح أن يشكر أحدٌ أحدا بإخلاص ولا أن يخلص أحد لأحد في الحب والود فيه ... وعليه يقال لا حرج ولا محذور من وصف الشكر والمحبة والمودة والثناء بالخالص مما تعارف عليه الناس ، فيقول الشخص للآخر : لك الشكر الخالص النقي الصافي فلا غش ولا خداع ولا كدر يشوبه .. وكما أجاز النبي صرف الشكر للناس وهو عبادة ، يجوز صرف خالصه إليهم ، وما هو المانع من النصح للمشكور بوصف الشكر بالخالص الصادق ، والجزيل العظيم ..؟؟ فإن من أطلقه لم يقصد أنه تعبده بذلك قط، فإن الله أوجب هذا الشكر لغيره ولا بد أن يكون خالصا ، قال تعالى :{{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }} (14).
وهذه الآية التي استدل بها الشيخ يمكن أن يرد قوله بها ، فليس من شك أن الشكر لله واجب وهو من أعظم العبادات ،ولا بد أن يكون خالصا خاليا من الشوائب ، فكذلك ينبغي أن يكون الشكر للوالدين خالصا، حتى يكون من أعظم البر ، أم أنه يقال يا فضيلته إذا أخلص لهما الشكر برا بهما فقد وقع في محرم ، أو في الشرك ؟؟ فقد قرن شكرهما بشكره فإخلاص الشكر له يستوجب إخلاص الشكر لهما فهل يجوز عند أحد العقلاء أن يشكر لوالديه شكرا عاديا مثل أي أحد من الناس أو شكرا مغشوشا مشوبا؟ هذا لا يقوله أحد .بل لابد من شكرهما شكرا صادقا أو عظيما أو جزيلا أو خالصا ، وإذا جاز هذا فلا يقال أنه يجوز في الوالدين ويمنع في غيرهما ..لذلك يقال : هذا شكر خالص عظيم يليق بالله تعالى وعظمته ، وهذا شكر خالص يليق بالمخلوق إذ لا يجوز أن يشكر لوالديه أو أحدهما أو أحدا من إخوانه المؤمنين شكرا مغشوشا يخدش أو يشوب المودة والمحبة بينهما ..وإن هذا من باب قول القائل أخلصت لك الحب ، والود وهو غير مستنكر شرعا ولا عرفا ، وليس هو من صرف العبادة لغير الله إلا إذا سواه بحبه لله أو أكثر ، كما قال تعالى :{{
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }}البقرة (165).فكيف يجوز إخلاص المحبة للمخلوق في حدود المشروع ولا يجوز الشكر ؟فإن الود والحب الذي جعله الله بين الخلائق لا يقال فيه ذلك ، قال ابن القيم -رحمه الله- في الجواب الكافي (ص170): {{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }} الآية (21) الروم , فجعل المرأة سكنا للرجل يسكن إليه قلبه وجعل بينهما خالص الحب وهو المودة المقترنة بالرحمة. فهذا (خالص الحب) أطلقه ابن القيم على ما يكون بين الزوجين ، ولم ير أن هذا شرك أو لا يجوز .وقال أيضا في (روضة المحبين (ص46) : وأما الود فهو خالص الحب وألطفه وأرقه وهو من الحب بمنزلة الرأفة من الرحمة .. وفي صحيح مسلم قول ابن عمر رضي الله عنهما :إِنَّ أَبَا هذا كان وُدًّا لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ ، وَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول :<< إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أبيه >> . بل قال الله تعالى :{{ عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة }}(الممتحنة:7).فإن استعمال لفظ الخالص في القرآن يجوز صرفه لغير الله كما قال تعالى يخاطب نبيه :{{ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ }}الأحزاب (60).وفي الصحيحين من حديث مالك بن أوس بن ــ الحدثان قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول :<< كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا>>.أخرجه البخاري (6/93) (2904) ومسلم ( 3/1376)( ح48/1757) وأحمد( 1/25).ونحو ذلك مما يبين استعمالات لفظ خالص ، وأنه ليس بالضرورة أن يراد به إخلاص العبادة ، وإنما هو في كل جملة بحسب السياق ..فإذا لم يخلص الشكر للمشكور الذي أسدى المعروف قولاً أو عملاً أو النعمة فإنه لا يخلص الشكر لله تعالى .فالإخلاص في الشكر مطلوب سواء الإخلاص في الشكر لله تعالى أو الإخلاص في شكر الناس.. فإن شكر الناس على غير حقيقته (بمعنى يكون مشوبا وغير خالص) هذا قبيح شرعا وعقلا بل إن الإخلاص في الشكر لله لا يستقيم إلا بالإخلاص في الشكر للناس..كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :<< << لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ >>. 4813والترمذي 1954وقال هذا حديث صحيح وقال الشيخ الألباني في صحيح الترمذي صحيح وأحمد في المسند (2/258).قال ابن بطال في شرح البخاري (1/89): وشكر نعمة الزوج هو من باب شكر نعمة الله ، لأن كل نعمة فضل بها العشير أهله ، فهي من نعمة الله أجراها على يديه .فهل إخلاص شكر نعمة الزوج من باب صرف العبادة لغير الله ؟؟ومن ذلك أيضا النصيحة فإنها تأتي بمعنى الخلوص فقد جاء في صحيح مسلم من حديث تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :<< الدِّينُ النَّصِيحَةُ >> قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قال :<< لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ >> .فالنصيحة للرسول هي بمعنى أن تكون طاعته خالصة مما يشوبها ومحبته خالصة مما يشوبها وتصديقه خالصا مما يشوبه ، فتكون طاعتك له غير مشوبة بمعصية ومحبتك له غير مشوبة بكراهية وتصديقك له غير مشوب بتردد ونحو هذا ..قال الحافظ في الفتح (1/138) :وقال المازري النصيحة مشتقة من نصحت العسل إذا صفيته يقال نصح الشيء إذا خلص ونصح له القول إذا اخلصه له، قال الخطابي النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للنصوح له .وقال العيني في عمدة القارئ (2/360)وفي ( المحكم ) النصح نقيض الغش نصح له ونصحه ينصح نصحا أو نصوحا ونصاحة وفي ( الجامع ) النصح بذل المودة والاجتهاد في المشورة وفي كتاب ابن طريف نصح قلب الإنسان خلص من الغش .وقال الخطابي : النصاحة : إخلاص العمل ، والناصح : الخالص من كل شيء ، ويقال : نصحت العسل إذا صفيته (غريب الحديث 2/228) .والمقصود أن هذا إخلاص وخلوص وجعله الشارع لأئمة المسلمين وعامتهم ولم يخصه بالله ، فالإخلاص لكل أحد بحسبه ، فالإخلاص لله غير الإخلاص لعباده .والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم أن تكون إرادتك الخير لهم خالصة عما يشوبها من غش وخداع وكدرة للمحبة والأخوة التي تجمعك بهم وإرادة شر بهم .وكلمة (لك خالص شكري) معناها : لك شكري الخالص فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، كما ذكرت سابقا ، وهذا كثير في الكتاب والسنة ولغة العرب التي يفهم بها كلام الله وكلام رسوله ..وقد سئل الإمام ابن باز -رحمه الله - عن عبارة : خالص شكري لك ؟ فأجاب : لا شيء فيها ، ولا بأس . (مسائل الإمام ابن باز جمع ابن مانع (ص 239)وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- أنه يجيز ذلك حيث سئل -رحمه الله- كما في لقاء الباب المفتوح (19/203)..:السؤال: بعض الخطابات في نهايتها يقول: ولكم خالص تحياتي أو خالص شكري، ما حكم هذه الكلمة؟الجواب: ليس فيها شيء؛ لأن المراد بخالص التحيات: التحيات الخالصة التي لا يشوبها رياء ولا سمعة، والله عز وجل قال: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، ويقول عز وجل: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61] ولا يشك الإنسان إذا قال: لكم خالص تحياتي، أنه يريد التحيات التي لا تصلح إلا لله عز وجل، كما في قوله: (التحيات لله والصلوات والطيبات) هذا لا يطرأ على باله أبداً، والكلمات التي اعتادها الناس ولم يطرأ على بالهم أنها من المحظور وهي بنفسها ليست محظورة لا ينبغي أن نؤولها على الشيء المحظور بل ندع الناس وما عرفوه باصطلاحهم.وسئل الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله – كما في شرح سنن أبي داود (28/34):السؤال : هناك ألفاظ تختم بها الخطابات والرسائل، كلفظ: ولك خالص الشكر، أو ولك خالص التحيات، فهل يجوز ذلك؟ الجواب: الذي ينبغي أن تختم الخطابات والرسائل بالسلام، فيقال: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أو والسلام عليكم، هذا هو الذي ينبغي، وهذه هي التحية، وأما إذا قال: لك تحيتي، فتحيتي هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن كونه يأتي بنص التحية أولى من أنه يأتي بلفظ التحية، أو لك تحيتي، فيقول: وعليكم السلام أو والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والكناية عن التحية لا أعلم شيئاً يمنعها، ولكن أن يأتي بالتحية نفسها، وهي نفس السلام الذي هو دعاء، هذا أولى من أن يأتي بهذا الخبر. وأما قول: التحيات المباركات الطيبات فلا يجوز؛ لأن هذه الصيغة إنما جاءت في حق الله سبحانه وتعالى.وقال الشيخ عبد الله بن مانع - حفظه الله – وقد تكلم على هذه المسألة ، و قالَ: إنَّ ذلك جائز والمعنى ، لك خالص تحياتي - هي تحية تليق به ، كما أن التحيات لله تحيات تليق به - سبحانه و تعالى - ، فلا يخطر ببال هذا القائل أن يحيّي أحدا من الناس بمثل التحية لله .ا . هـ قال كلاماً هذا معناه في تعليقه على خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام عند شرحه لأحاديث التحيات من كتاب الصلاة . الخميس 25 / 5 / 1429 هـ
فقول القائل : لك خالص شكري أي لك شكري الخالص فهو ضد المغشوش ، أو الزائف فأي محذور في هذا ؟!وقد كانت تقدم فتاوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وفيها مثل هذه الجملة ، ولا يستنكرون على قائلها ولا يوجهونه إلى أن ذلك لا يجوز أو فيه خطر على عقيدة السائل ، وقد عرفتم من هو رئيس اللجنة الدائمة وأعضائها إذ لا يتصور منهم جميعا أن يسكتوا على ألفاظ في شرك أو حرام وإليكم بعض الفتاوى على سبيل المثال لا الحصر .الفتوى رقم ( 14008 ) المجموعة الأولى (17/403)
جمع وترتيب : أحمد بن عبد الرزاق الدويش
السائل : أرجو منكم تقديم نصيحة خاصة لوالدي لكي يقتنع بكل هذا، وإن كنت أنا المخطئ فأرجو إقناعي ولكم
خالص الشكر والتقدير وجزاكم الله خير الجزاء.الجواب : ...اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءعضو ... نائب الرئيس ... الرئيسعبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمهم الله .الفتوى رقم ( 12725 )(ج 18/153)نرجو إفتاءنا ولكم خالص الشكر وجزاكم الله خيرا.

الجواب :...الفتوى رقم ( 13604 ) (21/128)أرجو الإفادة برسالة موثقة من لديكم ولكم
خالص الشكر والتقدير .اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءعضو ... نائب الرئيس ... الرئيسعبد الله بن غديان .. عبد الرزاق عفيفي .. عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمهم الله -
وهذا الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله - قال في المجمع الفقهي بحضور كثير من الفقهاء والعلماء وطلاب العلم : وكتابه معجم المناهي اللفظية كتاب طيب مع ذلك لم يذكر هذا اللفظ الذي نهى عنه الشيخ صالح آل الشيخ ، ولقائل أن يقول :ربما فاته ذلك ، فأقول نعم ، هذا صحيح، ولكن إن فاته هو فلا يمكن أن يفوت جمع من العلماء وهو يخاطبهم بذلك قائلا : أيها العلماء، أيها الجمع الكريم، في ختام هذه الكلمة الموجزة، ولا أحب أن أطيل عليكم فإنني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أصحاب الفضيلة أعضاء وخبراء وباحثي هذا المجمع أبدي
خالص الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه –(42/161)
وفيها أيضا : قال : ولا يفوتني بحال أن أقدم
خالص الشكر والتقدير مع خالص الدعاء لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز، حفظه الله ووقاه من كل سوء، مجلة المجمع الفقهي (42/149) وفيها : " فإلى جميع هؤلاء أجزي خالص الشكر والتقدير ودعوة صالحة لهم في الحاضر والعاجل فجزاهم الله خيرًا...(42/158). والخلاصة : أن اللفظ الذي يقدم بين يدي الخطاب أو يختتم به ، الرسائل لا شيء فيه كما قال الشيخان ابن باز والعثيمين ، والحمد لله رب العالمين .