الأحد، 3 فبراير 2013

إلى متى الرقاد إلى متى البعاد من الذي يوقظك أيها الجماد..

إلى متى الرقاد إلى متى البعاد من الذي يوقظك أيها الجماد..
 

بسم الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله .
هذه قصيدة زهدية في التنبيه على الغفلة والتسويف والرقاد ، نسأل الكريم المنان ان يمن علينا بتوبة صادقة ، وأن يعيننا على أنفسنا وعدونا الشيطان الذي يزينا لنا النوم الطويل على الفرش ولين المهاد ، ويسوف لنا بالتوبة وطول الأمل ، والعمر ينقضي بسرعة البرق ، والزمان قد تقارب ، والفائز هو من شمر وجد واجتهد ، وأخذ من صغره إلى كبره ، ومن كبره إلى قبره ، ومن يومه إلى غده ، ومن دنياه إلى آخرته ، يوم يرى السابقين قد فازوا ، وهو قد أُخر ، لأنه كان يتأخر ، ولا يبالي بما قدم أو أخر . إليكم عني لا توقظوني ، فأنا في لذة فلا تحرموني ، قضاء ليلي في النوم والمجون ، ونهاري في الغفلة والفنون ، يتغنى بقول عدوه : نوموا ولا تستقيظوا ما فاز إلا النوام .

 
إلى متى يا عينُ هذا الرقاد ُ ***** أما آن أن تكتحلي بالسهاد
تنبهي من رقدة وانظري ***** ما فات من خير على ذي الرقاد
يا أيها الغافل في نومه ***** قم لترى لطف الكريم الجواد
مولاك يدعوك إلى بابه ***** وأنت في النوم شبيه بالجماد
يبسط الكفين هل تائب ***** من ذنبه هل من له من مراد
وأنت من جنب إلى جانب ***** تدور في الفرش ولين المهاد
يدعوك مولاك إلى قربه ***** وأنت تختار الجفا والبعاد
كم هكذا التسويف في غفلة ***** ليس على العمر العزيز اعتماد
لقد مضى ليل الصبا مسرعا ***** ونير صبح الشيب فوق الفؤاد
أفق فإن الله سبحانه ***** رحمته عمت جميع العباد .
دخل عمر بن عبد العزيز رحمه الله على سابق البربري وهو يتمثل بالأبيات المشهورة من قصيدة الأعشى .
أجِدّكَ لَم تَذكُر وِصَاةَ محمّدٍ ***** نبيَ الإلهِ حينَ أوصَى وأشهدَا
إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التُقَى ***** وأبصرتَ بعدَ الموتِ من قد تزودَا
ندمتَ على أن لا تكونَ كمثله ***** وأنكَ لم تُرصِد كما كان ارصدَا


فغشي على عمر رحمه الله فلما أفاق قال : زدنا .قلت هكذا تفعل الكلمات الصادقة في النفوس الأبية الزكية المخلصة .
فقال سابق البربري القصيدة التي تلي :
 
بسم الذي أنزلت من عنده السور ***** الحمد لله أما بعد يا عمر
إن كنت تعلم ما تبقي وما تذر ***** فكن على حذر قد ينفع الحذر
واصبر على القدر المقدور وارض به ***** وان أتاك بما لا تشتهي القدر
فما صفى لامرئ عيش يسر به ***** إلا وأعقب يوما صفوه كدر
قد يرعوي المرء يوما بعد هفوته ***** وتحكم الجاهل الأيام والعبر
إن التقى خير زاد أنت حامله ***** والبر أفضل ما تأتي وما تذر
من يطلب الجور لايظفر بحاجته ***** وطالب العدل قد يهدى له الظفر
وفي الهدى عبر تشفى القلوب بها ***** كالغيث يحي به من موته الشجر
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها ***** ولا البصير كأعمى ماله بصر
والذكر فيه حياة للقلوب كما ***** تحيا البلاد إذا ما جاءها المطر
والعلم يجلو عن قبل صاحبه ***** كما يجلى سواد الظلمة القمر
لا ينفع الذكر قلبا قاسيا ابدا ***** وهل يلين لقول الواعظ الحجر .

 
فقلت :
 
فهل ينفعك شيء أيها الرقاد ******وهل يحرك ضميرك شيئ أيها الجماد ؟!
قم وصلي وتحرك للجهاد ***** نفسك التي بين جنبيك فداك أكبر الجهاد
وتجهز بالتقوى فإنها خير زاد ***** واعمل لغدك فذاك يوم المعاد
 


وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .

وهذه أبيات في الغفلة مقتسبة من قصيدة الضاعر صالح محمّد جرّار
بعنوان غفلة وتوبة رأيت أنها تناسب الموضع .

 
غفلت عن المصير فضل سعيي *** فـيـا ويلاهُ من سوء المصيرِ
ويـا ويل الذي ضحى بأخرى *** لعـيش بهارجِ العمر القصيرِ
ويـا ويـلي غررت بما دعتنيِ *** إلـيـه الـنفس من وهمٍ وزورِ
فـقـد هتفت بي الأهواءُ يوماً *** وزيـنـت الـمظاهرَ بالقشورِ
وأهـدتـنـي جناحاً من خيالٍ *** لـيـحـملني إلى أفقِ السرورِ
وقـالـت لـلضمير الآن فارقدْ *** فـمـا مـتع تنال مع الضّميرِ
وغـابـتْ خـشيةُ الجبّار عنّي *** فـألـقـيت الزمام إلى الغرورِ
فـأظـهـر شوك دربي ياسميناً *** ومـنّـانـي البقاء على الدهورِ
وخـلّـى بين ضعفيَ والخطايا *** وقـال مقهقهاً : " وإلى السعير
فـيـا ويـلاه مـاذا قد دهاني *** فـلـم أنصت لتحذير النذيرِ؟
وأطـلـقت الندامة صوت حقٍ *** يـنـاقـش كل أسرار الضميرِ
وهـل تـجدي الندامة من فتيلٍ *** إذا لـم يـغـشها عفو القديرِ؟
فـبـادر قـبل موتكَ يا بنَ فانٍ *** وفـانـيـةٍ إلـى باب الغفورِ
تـذلـل لـلـعـليّ وتب إليه *** فـمـا لك غير ربك من مجيرِ

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    لفت انتباهي العبارة التالية في القصيدة

    يبسط الكفين هل تائب

    سؤال هل يصح ان نقول أن الله يبسط كفيه
    هل صفة الكف ثابتة لله

    أنا أريد توضيحا في هذا الامر و جزاكم الله خيرا

    ردحذف


  2. وعليكم السلام ورحمة الله : عَنْ أَبِي الْحُبَابِ، سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ طَيِّباً، كَأَنَّ إِنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمنِ. يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ. حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ».موطأ مالك( 3651/ 831) ومن رواية أبي هريرة ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ: مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا، كأنما يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ. صحيح مسلم (1014) وأحمد (9423-9565). وفي البخاري (1410-7430) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» فصفة الكف ثابت لله نمر الحديث فيها كما جاء ، وويكن تفسر الكف باليد كما هي السنة أن يد السارق فإنما تقطع الكف ولذلك جاءت رواية البخاري مسفرة للكف . وقد سئل الشيخ صالح آل الشيخ هذا السؤال س2/ ذكر بعض العلماء في مقدمة قول: الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار يبسط كفه بالأسحار. فهل العبارة الأخيرة صحيحة؟ ج/ هذه أخَذَهَا من الحديث الصحيح الذي في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل» ، العبارة صحيحة؛ لأنَّ السَحَرْ بعض الليل. لكن الذي أقول : الفضل أن يترك هذه الععبارة ويقول بما جاءت به السنة :عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» صحيح مسلم (2759). هذا هو الوارد . فنعمل الأحاديث كل في بابه فالأول في الصدقة وأنه تقع في كف الرحمن أو يده ، والثاني في التوبة وأنه سبحانه يبسط يده على ما قال .

    ردحذف